دراسة التکامل بين الإيمانية والمنهجية في قراءة آيات الوحى القرآنى وآثار هذا التکامل بين المسلمين

نوع المستند : عروض الکتب فى مجالات الآداب واللغات الإنسانیات العلوم الاجتماعیة

المؤلف

أستاذ الفلسفة الإسلامية المشارك جامعة زايد – دولة الإمارات العربية المتحدة

المستخلص

إنّ محاولة العقل لفهم النصّ القرآني، ربّما تهب صاحبها رأياً؛ أي فهماً ما لدلالة النصّ، وربّما مكّنت صاحبها من بناء أفكاره في قضية معينة، وربّما أوصلته إلى العلم، أو وجّهته إلى أن يختصّ بشأن من العلم دون غيره، وظهر ذلك في الصحابة رضي الله عنهم؛ حيث اختصّ كلّ منهم بنوع من العلم، ولا ينبغي أن يقتصر فهمنا من تلاوة النصوص على الدلالة المباشرة للكلمة؛ من قراءة للتعبّد وحسب، بل ينبغي تجاوزها إلى العمل بمقتضاها في إبداعات العلم والنُظم والمعاملات.
         قدم المسلمون أداءً علميّاً دقيقاً في تجربتهم الأولى في التدوين الذي بدأ منذ عهد النبوة متمثّلاً في كتابة الوحي، وقد أوْلَوْا أهميّة قصوى للمنبت الذي ينشأ فيه العالم وأثر ذلك في مصداقيّة علمه،  وعقد المؤرّخون فصولاً في بيان الخصال التي يجب أن ينالها العالم انصبّ أغلبُها على النفسيّة والأخلاقيّة منها، لأنّ ميزان الضبطْ والعدالة في العلم هو ما تعنيه "الروح العلمية" التي يفخر بها العلم المعاصر، ولم تكن الروح العلمية التي تحلّى بها علماء الإسلام جهداً نظريّاً وحسب، فإنّ هذه الروح قد مكّنتهم من تطبيقات العلم، وأوّلها اهتمامهم بتحديد المفاهيم والمصطلحات في كافة فروع العلم.
        ويظل النصّ القرآني محفّزاً للفكر، والفكر هو الموجه الأول للسلوك، وأميز ما مكّنه من ذلك هو "العقل التجريبي"، فقد أدرك المسلمون قوة العلاقة بين النص والواقع، ما أدى إلى توصله تدريجياً إلى التجريبية التي يصح أن يُقال بأنها "تجريبية إسلامية" في تأسيسها، استخدموا الاستقراء، واستعانوا بالمنهج التاريخي، والمنهج النقدي كما استعانوا بأدوات العلم، وحددوا بشكل صريح منهجاً للمقارنة، وأسموه "المقايسة". وأسسوا "الشكّ المنهجي"، طريقاً علميّا، وأفردوا قواعده، ومقدّماته، ونتائجه، وكان من أرقى ما توصّل إليه وعي المسلمين في مجال العلم هو "الإسناد" الذي لا يقلّ قيمة وأثراً عن "التجريبيّة" في العلم، حتى صار الإسناد علماً قائماً بذاته، مما جعله البعض علماً من علوم الحديث، لما بذله علماء الأمّة في سبيل حفظ الحديث، كما شاعت إبداعات المسلمين في كلّ صنوف العلم مما دل على موسوعية العلماء واتساع جهدهم العلمي في كافة مجالات العلم، وما كان للعقل المسلم أن ينال هذا الحظّ من "منهجيّة العلم" إلا بأثر من قراءة الوحي.
 

الكلمات الرئيسية