موقف ابن رشد من الغزالي في مسألة المعاد وحشر الأجساد.

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة الکويت

المستخلص

يتحدث هذا البحث ‏عن موقف ابن رشد من مسألة المعاد وحشر الأجساد، حيث رد على تهافت الفلاسفة للغزالي الذي أبطل فيه إنكار الفلاسفة لبعث الأجساد ورد الأرواح إلى الأبدان والجنة والنار وسائر ما وعد الله تعالى به في الآخرة، فأجاد في رده على الفلاسفة وأبدع في إبطال أدلة المنكرين للمعاد وحشر الأجساد من الفلاسفة وغيرهم، بل كان يتوقع لهم اعتراضات فرضية قد يعترضون بها، فيجيب عنها، ثم جاء من بعده ابن رشد الذي أجاد في رده  في تهافت التهافت، حيث قال إن الفلاسفة لا ينكرون المعاد وحشر الأجساد ولا يوجد في مؤلفاتهم ما يدل على ذلك، لا سيما الفلاسفة الذين وصلت إلينا عن طريقهم الفلسفة خلال الألف عام الماضية .
وهذا إن دل فإنما يدل على أن أصل الخلاف بين الغزالي وابن رشد، هو أن حكم الغزالي على الفلاسفة قد اختزله بما ورد عن الفارابي وابن سينا، إذ جعلهما الغزالي لا سيما ابن سينا، الممثلين عن الفلسفة والفلاسفة القدماء، لهذا قال ابن رشد بأن لهما هذيانات وخرافات، ونقلهما عن الفلاسفة القدماء غير موثوق فيه وغير صحيح أحيانًا لمخالفتهما أصول الفلاسفة القدماء والحكماء، لذلك كانت علوم الفارابي وابن سينا ظنية فيما نقلاه عن الفلاسفة القدماء .
ولقد أنكر الفارابي وابن سينا المعاد وحشر الأجساد، كما يريان أن المقصد من النصوص المثبتة للمعاد وحشر الأجساد هو ضرب الأمثلة للجمهور، مما يعني مخالفتهما للفلاسفة القدماء الذين لم ينكروا المعاد وحشر الأجساد حسب ما ذهب إليه ابن رشد .
ومما زاد الأمور سوءًا وظلامًا حالكًا، ما ذهب إليه الفارابي وابن سينا من القول بنظرية الفيض الإلهي التي يقتضي القول بها قدم العالم وانكار الصانع وإنكار النبوات وإنكار اليوم الآخر، لا سيما بعث الأرواح ومعادها التي زعموا إثباتها، إذ يقتضي قولهم بالفيض إنكارهم لبعث الأرواح ومعادها كما أنكروا المعاد وحشر الأجساد من قبل .
ومع أن الغزالي لم يسلم من حكم ابن رشد القاسي عليه بأنه قد جنى على الحكمة والشريعة وأنه خلط الكلام، وأن صنيعه خطر على الشريعة، إلا أن ابن رشد قد وافق الغزالي بالمعاد وبعث الأجساد، وكذلك وافقه في أن البدن المعدوم لا معاد له ولا بعث، وأن الذي سيُعاد هو بدن غير البدن الذي فارقته النفس، فضلًا عن ثنائه على معاندة الغزالي للزنادقة التي سماها معاندة خير ومعاندة جيدة، بل إن ابن رشد قد أحسن الظن بمقصد الغزالي في رده على الفلاسفة وإن اختلف معه في ذلك .

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية